الأربعاء، 19 مايو 2010

ملك وثلاثة رؤساء

نستعين بعدسة مكبرة لنتعاون مع الكاتب طارق حبيب في سبر أغوار فترة غامضة من تاريخ مصر بين اتهامات أطلقت وحقائق طمست واشاعات دارت حول ملك وثلاثة رؤساء .

" الملك فاروق كان محبوبا في بداية حكمه ولكن حاشيته من غير المصريين أفسدوه " هكذا قال عنه مصطفى أمين

حينما كان الأمير فاروق في انجلترا للدراسة بصحبة أحمد حسنين وعزيز المصري توفي الملك فؤاد في إبريل 1936 وعاد فاروق الشاب لمصر قبل أن يكمل تعليمه ملكا تحت الوصاية ولكنه تولى الحكم عندما بلغ ثماني عشرة سنه هلالية في يوليو 1937 .

كان يؤمن بأن مجد الملك من مجد شعبه فكان لطيفا بسيطا وكان الشعب يحبه جدا وبلغ تأييد الشعب له بعد حادث 1942 , ولكنه الحادث الذي أثر عليه سلبيا فعندما ذهب للنحاس باشا ليهنئه وجد مجموعة من الشباب يحملون السفير البريطاني سير لامبسون على الأعناق مما تسبب في كره فاروق للاثنين وبدأت معركة بين السرايا والوفد تبادلوا فيها الاشاعات .

ولكن من أخطاء فاروق أنه أنه اتخذ حاشيته من خدمه يقودهم الشماشيرجي محمد حسن والايطالي بوللي وقد تسببوا كثيرا في إفساده وفساده لذا سرعان ما بدأت شعبيته تقل نتيجة تصرفاته وتصرفات حاشيته فكان كثيرا ما يذهب للملاهي الليليه يلعب الورق.

ويقول صلاح شعرواي : " الملك فاروق ظلم ظلما كبيرا فقد تحمل أثقالا عائلية خاصة من والدته الملكة نازلي وأثقالا سياسية كبيرة جدا , وكان وطنيا فوق التصور ولكن ظروفه العائلية قضت عليه "

اندلعت حرب فلسطين عام 1948 ودخل الجيش المعركة دون معلومات عن العدو وبتسليح ضعيف وكان العمود الفقري للقوات من الإخوان المسلمين وهزم الجيش في المعركة .

عام 1951 ألغيت معاهدة 1936 وأنزل العلم البريطاني ورفع العلم المصري وأصبح فاروق ملك مصر والسودان ولكنه لم يستمر طويلا ففي يوليو 1952 قامت الثورة التي أسفرت عن تنازل الملك عن العرش ويقول عادل ثابت :" أن فاروق كان يعرف أن الوضع غير طبيعي وأن الانجليز واليهود يرغبون في التخلص منه لذلك تنازل عن العرش بسهولة " وأدت المدافع له التحية الرسمية قبل أن ترحل به المحروسة إلى إيطاليا التي عاش فيها إلى أن توفي في روما عام 1965 ولكنه دفن في معشوقته مصر حسب وصيته "

وبعد رحيل الملك عن مصر أعلنت الجمهورية عام 1953 وأصبح محمد نجيب أول رئيس للجمهورية .

ولد نجيب في السودان أواخر القرن 19 تخرج من الكلية الحربية وكلية الأركان كما حصل على ماجستير في القانون وتعلم اللغات الأجنبية فكان واسع الثقافة وشارك في حرب فلسطين وأبدى شجاعة كبيرة , وكان ضابطا ممتازا وشجاعا وتمتع بسمعه طيبة في كل القوات المسلحة وانتخب رئيسا لنادي الضباط قبل أن يقود ثورة الجيش في يوليو 1952 التي أعلن نجاحها عبر الإذاعة فأصبح رمزا للثورة في نظر الناس التي أحبته كثيرا , وكان يزور المستشفيات والمعاهد والمدارس فكان يزور 17 موقع في اليوم الواحد ويلقي 17 خطبة مختلفة كان ذهنه حاضر يعرف كيف يخاطب العمال والطلبة والدبلوماسيين فوحد الناس حول الثورة .

ولكن سرعان ما بدأت الخلافات والنقسامات بينه وبين زملاءه فقدم استقالته ولكن جموع الشعب أعادته ورغم ذلك لم يتوقف الصراع إلا مع نتهاءه لصالح زملاءه بقيادة عبدالناصر أبعدوه في نوفمبر 1954 .

ويقول رياض سامي:" سبب الخلاف هو تمسك نجيب بالديموقراطيه واصراره عليها حتى نهاية حياته العمليه واعتقاله ونفيه في المرج " حيث حددت إقامته ولم يكن مسموح له بالزيارة إلا قليلا وتوفي وحيدا حزينا في أغسطس 1984 م

خلف نجيب الزعيم جمال عبدالناصر المولود بالاسكندرية في يناير 1918 ولكن ترجع أصوله إلى قرية بني مر بأسيوط , تخرج من الكلية الحربية 1938 ثم انتدب للتدريس فيها 1943 .

التقى بصديق عمره عبدالحكيم عامر بالاسكندرية وكانوا يشتركون في اعتقاد أنه لابد من الثورة ومن هنا نشأت بينهما علاقة خاصة .

شارك في حرب فلسطين وكان من القوات المحاصرة في الفلوجة وبعد الحرب عكف على تأليف نواة من الأصدقاء وارتبط بعلاقة عارضة مع الإخوان المسلمين وتنظيم حدتو الشيوعي ولكنه كان عضو مؤسس في الضباط الأحرار الذي قام بثورة يوليو 1952 ويقول جمال حماد :" كان هناك أب روحي للثورة هو الفريق عزيز المصري وقائدها محمد نجيب وصانعها جمال عبدالناصر " الذي أمسك بزمام الحكم بعد إبعاد نجيب.

زادت شعبيته كثيرا بعدما وقع اتفاقية الجلاء مع الانجليز ولكن يبقى عام 1956 عاما حاسما في حياة ناصر فقد حقق نصر سياسي أعطى له ثقل عربي ودولي فبدأت شخصيته تتغيرفحاول إبعاد زملاءه والانفراد بالسلطة ونجح في ذلك فعلا .

سطع نجمه عالميا إذ كان أحد أقطاب مؤتمر باندونج مع الهندي نهرو واليوغسلافي تيتو والاندونيسي سوكارنو , ونادى ناصر بالقومية العربية وساعد الشعوب الافريقية على التحرر , وحدثت الوحدة مع سوريا عام 1958 وأصبح ناصر رئيس الجمهورية المتحدة وبعد الانفصال 1961 دخل في حرب اليمن .

طرد قوات الطو ارئ التابعة للأمم المتحدة من سيناء وأغلق خليج العقبة في وجه إسرائيل التي ردت بالهجوم على مصر وسوريا في يونيو 1967 ووقعت النكسة وكانت بداية النهايه له ولعبدالحكيم عامر .

بعد النكسة أعلن تنحيه عن الحكم ولكن خرجت الجماهير لتعيده مرة أخرى للحكم وعرفت الفترة التالية بالحكم الشمولي حيث أحاط بالرئيس أهل الثقة وكثرت الاعتقالات ويذكر له أنه أعاد بناء الجيش .

أصيب بمرض السكر وتزايدت مضاعفاته مع ضغط العمل وبدأت أزماته القلبية التي أتته إحداها بعدما رحل ضيوف مؤتمر القمة فتوفي بعدها بدقائق في 1970 .

قال عنه مصطفى أمين :"كان زعيما حقيقا ولكنه كان يرى أن مصر هي عبدالناصر" ويقول شمس بدران عن علاقته بهيكل " عبدالناصر كان له تأثير عربي ودولي ومن هنا نشأت فكرة الأسطورة وهيكل يستطيع صنعها "

وهكذا طويت صفحة عبدالناصر لتبدأ صفحة السادات بطل الحرب والسلام ولد في ديسمبر 1918 بميت الكوم منوفية حفظ القرآن بكتاب القرية وانتقل للقاهرة وتعلم فيها إلى أن تخرج من الكلية الحربية عام 1938 , عمل في منقباد والتقى هناك بعبدالناصر وكان يهتم بحضور اجتماعات لمناقشة أمور البلاد .

دخل عمليات سياسية مختلفة أشهرها مقتل أمين عثمان وسجن في قراميدان زنزانة 54 وبعد خروجه عمل حمالا وسائقا وأعمال أخرى متواضعة وبعد الحرب العالمية الثانية عمل صحفيا في دار الهلال ثم مجلة المصور وفي بداية الخمسينات صادق كثيرا من رجال القصرمنهم د/يوسف رشاد الذي ساعده على العودة للجيش وانضم للضباط الأحرار في بداية تكوينه .

أذاع السادات بيان الثورة 1952 واختير رئيسا للمؤتمر الاسلامي عام 1953 ثم وكيلا لمجلس الأمة ثم رئيسا له حيث قاد المجلس لرفض التنحي .

اختاره عبدالناصر نائبا له مما أهله ليتولى الحكم بعد وفاته في أكتوبر 1970 بدأ حياته بانتصار على مراكز القوى في ثورة التصحيح عام 1971 ثم وضع دستورا جديدا للبلاد .

كانت سيناء محتله والوضع يحتم الحرب وفي سبيل ذلك طرد الخبراء السوفيت , وفي أغسطس 1973 اتفق مع الرئيس الأسد أن يوم 6 أكتوبر 1973هو يوم المعركة وفعلا عبرت قواتنا قناة السويس ودمرت خط بارليف وتحقق النصر وفي يوم 28 أكتوبر 1973 صدر قرار وقف إطلاق النار من مجلس الأمن ثم مفاوضات فك الاشتباك .

بعد ذلك بسنوات ألقى قنبلة في مجلس الشعب قبل أن يزور القدس في 1977 مناديا بالسلام وأصبح السادات بطلا عالميا ووقع اتفاق كامب ديفيد بحضور الرئيس جيمي كارتر وأصبحت مصر أول دولة عربية تعترف باسرائيل ونال السادات جائزة نوبل للسلام جاء ذلك .

اعتقل السادات مثقفين ورجالا من اتجاهات مختلفة في سبتمبر 1981 مما ساهم بشكل كبير في اغتياله في العرض العسكري في نفس يوم انتصاره6 أكتوبر 1981.

أحداث غامضة في تاريخ مصر لم يكشف الستار عن جلها بعد .

أسامه عماره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق